الأسفار القانونية الثانية
+ ابوكريفا Apocrypha تعني الخفيات أي ( الأشياء المختفية أو المخبوءة ) وأطلقت الكلمة علي الأسفار الكتابية للعهد القديم المدونة باليونانية والتي ليس لها أصل عبري والمعروفة باسم الترجمة السبعينية و التى بدأت في الاسكندرية في أوائل القرن الثالث قبل الميلاد، في عصر بطليموس الثانى فيلادلفيوس (285 - 246 ق.م ) .
وأول من أطلق هذا الاسم "أبوكريفا" عليها هو القديس جيروم ( 342- 420 م ) وبرغم أنها تسمية غير دقيقة لهذه الأسفار إلا أنها شاعت في الكنيسة وهذه الأسفار هي : سفر طوبيت - سفر يهوديت - تتمة سفر أستير - سفر حكمة سليمان - سفر حكمة يشوع بن سيراخ - سفر باروك ويتضمن رسالة ارميا - تتمة سفر دانيال ( تسبحة الثلاث فتية في أتون النار - خبر سوسنة العفيفة قصة البعل والتنين ) - صلاة منسي الملك - سفرا المكابيين الأول والثاني و سيأتى الكلام عن كل سفر منها في موضعه .
بعض الحقائق و الادلة على قانونية هذه الأسفار :
اولا : الترجمة السبعينية :-
1 - ان الشعب اليهودي هو أعظم شعب اختاره الله للمحافظة على الكتاب المقدس ، حتى بلغ من محافظتهم و عنايتهم به أنهم عرفوا عدد كلماته ، و عدد حروفه الصحيحة و عدد حروفه المعتلة ، و كان الناسخ منهم إذا كتب نسخة من الكتاب المقدس ، و أخطأ في حرف منها فانه يمزق هذه النسخة من أولها إلى آخرها ، ليعمل نسخة أخرى خالية من كل خطأ ، إذا عرفنا هذا التدقيق أدركنا مقدار محافظتهم ، وحيث أن الأسفار التى اختلف عليها هى أسفار اليهود فأول من نستشيرهم في أمر قانونيتها هم اليهود .
ففى عهد بطليموس فيلادلفيوس ملك مصر أرسل إلى أليعازر رئيس كهنة اليهود تحفاًو هدايا ، وطلب اليه ان يرسل اليه الكتاب المقدس ُصحبة علماء يجيدون اللغتين العبرية و اليونانية ، فأرسل اليه رئيس كهنة اليهود اثنين و سبعين عالماً من عُلماء اليهود ، من كل سبط ستة عُلماء . أما الملك فأعد لكل اثنين منهم حجرة خاصة ، و أمرهم بترجمة التوراة العبرانية إلى اللغة اليونانية سنة 280 ق. م ، فكانت ترجمته صحيحة دقيقة حُفظت في مكتبة الإسكندرية ، و سُميت بالسبعينية نظراًلعدد الذين اشتركوا في ترجمتها .
هذه الترجمة التي قام بها أساطين اليهود و خُلاصة أحبارهم الأجلاء ، احتوت هذه الأسفار ؛ أليس في ذلك دليل قوىّ على أن أمة اليهود كانت تعتبر هذه الأسفار قانونية ؟!! بالرغم من أن نسخة اليهود العبرية التي جمعها عزرا ، لا تحتوى هذه الأسفار ، و ذلك لا ينقص مطلقا من قانونيتها ، لان بعض هذه الأسفار المختلف عليها ، ُكتب بعد العهد الذى ضم فيه عزرا الكاهن الأسفار القانونية إلى كتاب واحد ،
2- هذه الترجمة السبعينية لها شأن كبير في العهد الجديد ، فمنها اقتبس كتبة العهد الجديد النصوص التي احتاجوا إليها عند الاستشهاد بآيات من العهد القديم ، ولم يشر السيد المسيح أو تلاميذه إلى خطأ في هذه الترجمة ، أو إلى نقص أو زيادة في عدد أسفارها ؛ فهذا يعتبر دليلا على اعتبار هذه الترجمة و بالتالي لهذه الأسفار . و على ذلك تكون الترجمة السبعينية أول دليل على قانونية هذه الأسفار المقدسة .
3- والترجمة السبعينية للكتاب المقدس ورد إلينا بشأنها في التقليد ، أن سمعان الشيخ كان واحداً من أولئك العلماء ، الذين وقع عليهم الاختيار لهذه الترجمة الجليلة ، و إذ وقف أمام الآية " هُوذا العذراء تحبل و تلد ابناًو تدعو اسمه عمانوئيل " (اش 7 : 14 ) ، خجل أن يترجم هذه الآية بحسب نصها ، لئلا يعيب اليونان على ديانتهم و كتابهم ، فأحب أن يُبدّل كلمة العذراء (بالفتاة ) ، و استقر رأيه على ذلك و ابتدأ يكتب ، أوقفه صوت السماء " اُكتب ما ترى و لن تموت حتى ترى المسيح الرب " ، و لذلك عن هذا الرجل قال الإنجيل : " و كان قد أوحى إليه بالروح القدس انه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب ، ثم حمل المسيح على ذراعه و قال الآن تطلق عبدك حسب قولك بسلام " (لو2 :26-29 ) فهذه الترجمة التي رافقتها عين الله يجب أن تُعد مرجعاً مُهماً لمعرفة قانونية هذه الأسفار المختلف عليها ، لقد قال القديس اُغسطينوس من أباء الجيل الخامس " أن هذه الترجمة صادفت عند الكنيسة قبولا كأن لم يكن سواها ، وكثير من المسيحيين اليونانيون الذين يستعملونها يجهلون هل من ترجمة غيرها ؟" ( أغسطينوس في كتاب 18 من مدينة الله ).