الصليب فخرنا
اختار الله في تدبيره الازلي ان يكون الصليب هو الاداة التي يتمم بها الخلاص والفداء
هَذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّماً بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ (اع 2 : 23)
لذلك اعلن الرب يسوع انه سيرتفع الى السماء
«وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ» (يو 12 : 32)
«وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ» (يو 3 : 14)
واخبر الرب يسوع التلاميذ بأمر الصليب مسبقاً
(مت 20)
17- وَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ صَاعِداً إِلَى أُورُشَلِيمَ أَخَذَ الاِثْنَيْ عَشَرَ تِلْمِيذاً عَلَى انْفِرَادٍ فِي الطَّرِيقِ وَقَالَ لَهُمْ:.
18- «هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ.
19- وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ لِكَيْ يَهْزَأُوا بِهِ وَيَجْلِدُوهُ وَيَصْلِبُوهُ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ».
كانت بشرى التلاميذ هي ان الاله خالق السموات والارض جاء الى العالم ومات على الصليب من اجل خلاص العالم كما يكلم القديس بولس الرسول اهل فيلبي قائلاً (فيلبي 2)
5- فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هَذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضاً:.
6- الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ.
7- لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ.
8- وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ.
وفي موضع اخر يقول
نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِيناً بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ (عب 12 : 2)
هذه البشارة بيسوع المصلوب كانت اولاً من الملائكة
حيث بشرت النسوة عند القبر قائلة
لاَ تَنْدَهِشْنَ! أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ الْمَصْلُوبَ. قَدْ قَامَ! لَيْسَ هُوَ هَهُنَا. هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعُوهُ فِيهِ (مر 16 : 6)
ثم تكلم التلاميذ لليهود
فَلْيَكُنْ مَعْلُوماً عِنْدَ جَمِيعِكُمْ وَجَمِيعِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمُ الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ بِذَاكَ وَقَفَ هَذَا أَمَامَكُمْ صَحِيحاً (اع 4 : 10)
ثم صارت البشرى الى جميع الامم
وَلَكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوباً: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً! (1كو 1 : 23)
لليهود عثرة لان اليهود يطلبون آية والصليب بالنسبة لهم لعنة..لأَنَّ المُعَلقَ مَلعُونٌ مِنَ اللهِ. فَلا تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلى الخَشَبَةِ بَل تَدْفِنُهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ فَلا تُنَجِّسْ أَرْضَكَ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً» (تث 21 : 23) فكيف يؤمنون بشخص ملعون ولكننا نقول ان الرب يسوع المسيح حمل لعنتنا التي اصابتنا والتصقت بنا بسبب خطايانا وتعدينا للناموس ... اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ» (غل 3 : 13) اما هو في شخصه القدوس البار (اع 3 : 14) الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ، (1بط 2 : 22)
اما اليونانين فيجدون ان التبعية والانتساب ليسوع المسيح هي تبعية لشخص - في المنظر - مهان محتقر مرذول ضعيف ومسكين يتجبر عليه اعداءه يبدو - في الظاهر - لا حول له ولا قوة مستسلماً لكل ما يجري عليه ويفعل به - بحكمتهم الناقصة - يرفضون ان يكون الاله هكذا اذ القوة في فكرهم الضيق تساوي السطوة والهيمنة والسيطرة وعدم الخضوع والاستسلام وبذلك كانوا لا يقبلون شخص الرب يسوع المسيح الفادي الذي تحمل الالام من اجل خلاص العالم ومن اجل ان يعطيهم الحياة الابدية
ولكنهم ايقنوا اخيرا ان ما عمله الرب يسوع المسيح من فداء بالصليب كان ضرورة حتمية وانه لابد ان يتم هكذا وان هذا العمل يحمل الحكمة كلها
بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ الَّذِي صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ اللهِ وَبِرّاً وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً(1كو 1 : 30)
فلذلك يفتخر القديس بولس الرسول بالصليب قائلاً
فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ (1كو 1 : 18)
اذن كانت البشارة بصلب الرب يسوع المسيح من قبل الاعتراف بالايمان وكلما زاد تمسك المؤمن بهذا الاعلان كلما اثبت قوة ايمانه برغم استهزاء واستنكار غير المؤمنين
لذلك القديس بولس الرسول يقول
مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي (غل 2 : 20)
وبذلك لا تكون مسيحية بلا صليب (عقيدة) ولا تكون كنيسة بلا صليب (مرفوع عليها) ولا يكون مسيحي بلا صليب (يحمله)
لذلك يقول القديس بولس الرسول الى اهل كورنثوس ... لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً(1كو 2 : 2)
ويقول لاهل غلاطية ... أَنْتُمُ الَّذِينَ أَمَامَ عُيُونِكُمْ قَدْ رُسِمَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ بَيْنَكُمْ مَصْلُوباً! (غل 3 : 1)
لذلك اننا نسمي به الناس (بأسم صليب)
ونبارك به انفسنا والطعام والشراب والمكان ونضعه على كنائسنا ونعلقه على صدورنا ونرسمه على ملابسنا وننقشه على ايدينا ونمسكه بأيدينا ونفتخر دائما به قائلين
وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ (غل 6 : 14)
لذلك ان الالام والضيقات التي تواجه المؤمن لا يسميها بأسمائها فلا يسمي المرض او الفقر او الحوادث بأسمائها انما في كل الحالات تسمي صليباً
فأن السيد المسيح قال
مَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُنِي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي. (مت 10 : 38)
وايضا ان الجهاد ضد الشهوات يسمى صليباً
وَلَكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ (غل 5 : 24)